وصف مراقبون محاكمة صدام بأنها هزلية تهدف في الأساس لصرف النظر عن الوضع الأمني السيئ ونقص الخدمات الأساسية في العراق بعد الغزو .
ووفقا للمراقبين فإن تلك المحاكمة غير شرعية لأن قانون المحكمة وضعه المحتل وأوكلت حراسة المتهمين والمحكمة لقوى الاحتلال وتتدخل السلطة التنفيذية في تغيير القاضي أو عزله أو تطلب منه التشدد ويختار القضاة من أخصام المتهمين غالباً ويتصرفون كقضاة محكمة دنيا وأنهم الخصم والحكم.
لقد تشكلت تلك المحكمة بقرار من مجلس الحكم الانتقالى الذي كان تحت هيمنة سلطة الاحتلال و بول بريمر كما صدر قانون تشكيل المحكمة حسب بند في قانون ادارة الدولة للفترة الانتقالية الذي كان مجرد مسودة دستور ولم يكن دستورا دائما كالذى صدر العام الماضى .
ويؤكد هزلية تلك المحاكمة أيضا اختيار قضية ثانوية ذو بعد محلي وهي قضية الدجيل التى تعتبر قضية صغيرة الحجم والأبعاد اذا قورنت بقضايا اكبر حجما وذو ابعاد اقليمية مثل حرب الخليج الأولى و حرب الخليج الثانية و استعمال الأسلحة الكيمياوية في حلبجة شمال العراق.
ولذا اعتبر البعض أن اختيار هذه القضية كان الهدف منها هو الابتعاد عن القضايا التي تبرز تورط الولايات المتحدة و دول أوروبية كبرى في دعم صدام حسين وبناء ترسانته العسكرية من الأسلحة الكيمياوية والبيلوجية للحيلولة دون نقل المحكمة الى محكمة العدل الدولية في لاهاي في دحض لمزاعم الاحتلال أن تلك القضية هى القضية التي يمكن اثباتها على المتهمين لوجود ادلة ووثائق تثبت صلة ربط صدام حسين شخصيا باحداث الدجيل.
لقد حرص الاحتلال منذ البداية على إبعاد المحاكمة عن إطار المحاكمة السياسة الشاملة والذي كان يؤكد تورطه بشكل واضح في دعم جرائم صدام ، خاصة وأن دور الولايات المتحدة في الحرب العراقية الإيرانية ليس بخفى على أحد فهى لم تسع لإيقاف الحرب بل كانت تصب الزيت على النار وتحرض هذا الطرف على ذاك وتستهدف القضاء على القوتين الإقليميتين كليهما، وتزود كلاً من الطرفين بالمعلومات عن الطرف الآخر وتسهل لكل منهما الوصول إلى مصادر السلاح، أي باختصار كانت شريكاً في الحرب العراقية الإيرانية ومحرضاً عليها ومستفيداً منها.
ودور الولايات المتحدة في التحريض على غزو الكويت لم يكن بخفى أيضا على أحد بعد نشر تقارير عدة أوضحت أن السفيرة الأمريكية في العراق في هذا الوقت أعطت الضوء الأخضر لصدام لغزو الكويت .
كما أن الولايات المتحدة نفسها هى التى زودت صدام بالأسلحة الكيمياية التى استخدمها ضد الأكراد لقمع الانتفاضة التى قاموا بها في أعقاب انتهاء الحرب العراقية الايرانية .ولذا فإن أية محاكمة سياسية دولية لصدام حسين أو لنظامه ستكشف حقائق عديدة عن دور الولايات المتحدة بغزو الكويت وبمجمل الحروب الإقليمية التي شنها صدام ولذلك عملت على تحويل المحاكمة من سياسية إلى جنائية لا تتعدى مهمتها البحث عن دور المتهم في الاغتيال أو التعذيب أو السكوت عنهما.
تقرير بيكر- هاملتون يرسم صورة قاتمة للعراق
بعد حوالى ثمانية أشهر من مراجعة سياسات وإستراتيجية القيادة الأمريكية المتعلقة بالعراق ، كشفت مجموعة دراسة العراق برئاسة وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر وهو من الحزب الجمهوري، والسيناتور الديمقراطي السابق لي هاملتون رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب السابق ، عن النتائج التى توصلت إليها في السادس من ديسمبر .
وأعطى تقرير اللجنة المسمى "الطريق قدماً" تقييما قاسيا للغاية بشأن الأوضاع في العراق ، حيث حذر من أن الوضع في العراق خطر ومتدهور والعنف في تزايد وليس هناك مسار يضمن النجاح.
وأوضحت اللجنة في تقريرها أن سياسة إدارة بوش في العراق "غير فاعلة" وحذرت من مغبة استمرار تدهور الأوضاع هناك مما يزيد من مخاطر الانزلاق نحو فوضى قد تؤدي للإطاحة بالحكومة العراقية وخلق كارثة إنسانية ، موصية بتغيير المهمة الأساسية للقوات الأمريكية بما يتيح سحبها بطريقة مسئولة .
ورغم تأكيد اللجنة أن قضايا العراق لن تحل عبر العمل العسكري وحده ، إلا أنها لم تطالب بجدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من هناك واكتفت بالدعوة إلى سحب القوات الامريكية من مسرح المعارك خلال عام والتركيز على تدريب القوات العراقية.
وطالبت اللجنة إدارة بوش فى هذا الصدد بتحويل دور القوات الأمريكية فى العراق من العمليات القتالية إلى تقديم الدعم في حلول العام 2008 ، قائلة :" إن المهمة الرئيسية للقوات الأمريكية في العراق يجب أن تتطوّر إلى مهمة دعم الجيش العراقي".
وأضافت قائلة :" من الواضح أن الحكومة العراقية ستحتاج إلى الدعم لبعض الوقت، خاصة في تحمل مسئوليات أمنية جديدة. لكن في الوقت ذاته يجب ألا تقوم الولايات المتحدة بالتزامات بإبقاء أعداد كبيرة من قواتها منتشرة في العراق لفترة مفتوحة ".
وأوصت اللجنة بوش بالضغط على الحكومة العراقية لتحقيق أهداف محددة لتحسين الأمن وإلا تتعرض لتقليص الدعم الاقتصادي والعسكري الأمريكي لها .
ورغم أن الرئيس الأمريكي قد أعلن في أكثر من مناسبة بأن هدفه هو المساعدة في تشكيل حكومة عراقية يمكنها أن تدافع عن نفسها، فإن تقرير اللجنة أقر باستحالة تحقيق ذلك، من دون مساعدة جدية من بعض الدول في الشرق الأوسط ، مطالبا بإقامة مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بالإضافة إلى سوريا، وهي خطوة طالما عارضتها إدارة الرئيس بوش.
وقال التقرير :"جيران العراق، ودول رئيسية في داخل وخارج المنطقة عليهم تشكيل مجموعة دعم لمساعدة العراق في تحقيق أمن طويل الأمد ومصالحة سياسية".
كما طالبت اللجنة واشنطن بتحرك إقليمي أوسع وإيجاد خطة سلام شاملة في الشرق الأوسط من أجل إرساء الاستقرار في العراق والمنطقة، وحثت على إطلاق مبادرة دبلوماسية جديدة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي .
وأكد التقرير فى هذا الصدد أن الولايات المتحدة لايمكن أن تحقق أهدافها في الشرق الأوسط ما لم تباشر في تجديد التزامها الشامل بخطة سلام كاملة على كافة الجبهات.
وألمحت اللجنة في ختام التقرير إلى أن المهمة في العراق قد تفشل ما لم يتحد الطرفان، الإدارة الأمريكية والكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، في مسألة مواجهة تراجع الدعم للحرب في الشارع الأمريكي.
وجاء في التقرير "ما نوصي به يتطلب إرادة سياسية جبارة وتعاونا بين أفرع السلطة التنفيذية والتشريعية في الحكومة الأمريكية".
ويستخلص التقرير بلهجة تشاؤمية بأن السياسة الخارجية مقدّر لها الفشل.. كما أي عمل في العراق، ما لم تدعم بإجماع مؤازر عريض.
وفي أول رد فعل فورى على تقرير اللجنة ، أعلن بوش أن إدارته ستتعاطى "بجدية بالغة" مع تقرير "مجموعة دراسة العراق" الذي أوصي بتغيير الإستراتيجية الأمريكية هناك ، دون أن يكون ملزما باتباعها.
وقال عقب لقائه برئيسي اللجنة جيمس بيكر ولي هاملتون إن التقرير المسمى "الطريق قدماً" أعطى تقييما قاسيا للغاية بشأن الأوضاع في العراق وإنه جاء ببعض المقترحات المهمة للغاية.. وسننظر في كل مقترح بجدية.
وحث بوش الكونجرس على وزن توصيات التقرير بحرص وأضاف قائلاً "قد لا يتفقون مع كل المقترحات، وقد لا نوافق عليها جميعاً، وبالرغم من ذلك، سيمنحنا هذا التقرير جميعاً فرصة إيجاد أرضية مشتركة من أجل خير هذا البلد".
وواصل بوش اصراره على رفض تحديد موعد محدد لسحب القوات الأمريكية من العراق متعللا بأن من شأن ذلك أن يكون عامل تشجيع لمن يسميهم الإرهابيين وليس الإدارة العراقية.
يذكر أن لجنة دراسة العراق، شكلها مشرعون من الحزبين الجمهورى والديمقراطى في مارس الماضى لرفع تقييماتها المستقلة للأوضاع الراهنة وما يمكن إحرازه في العراق ووقع ذلك على المصالح الأمريكية في المنطقة.
سيناريوهات بوش للخروج من المستنقع العراقى
طرح المراقبون ثلاثة خيارات منها انسحاب تدريجى مثلما يطالب الديمقراطيون أو التفاوض مع سوريا وإيران أو الضغط بقوة على الحكومة العراقية للإسراع بالمصالحة الوطنية .
وبالنسبة للخيار الأول ، فإن بوش يرفضه بزعم أن الانسحاب قبل أن يكون العراق قادرا علي حماية أمنه في الداخل سوف يزيد الموقف سوءا,
وقد يؤدي إلي إشاعة الحرب الأهلية, كما أنه يترك العراق وقد أصبح منطلقا لعمليات تنظيم القاعدة في عدد من الدول المجاورة تستهدف هز أمن الشرق الأوسط واستقراره, كما أن الانسحاب من العراق, سوف يكون بمثابة اعتراف بهزيمة الولايات المتحدة في حربها علي ماتسميه بالإرهاب.
أما الخيار الثانى ، فإنه جاء في توصية للجنة التى شكلها الكونجرس في مارس الماضى برئاسة جيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق لبحث سبل الخروج من المأزق العراقى ، ورغم أن بوش كان يعتبر فتح حوار مباشر بين واشنطن وكل من طهران ودمشق بشأن العراق وإنهاء الخلافات معهما , بمثابة اعتراف بهزيمته ، إلا أنه بعد نشر تقرير لجنة بيكر صرح الناطق باسم البيت الأبيض طوني سنو بأن الولايات المتحدة تشجع العراق على إجراء محادثات مع إيران وسوريا في شأن المسائل الأمنية .
وقال :"لم نقل قط أن على العراق عدم التعامل مع جيرانه، بل العكس لقد قلنا إن ذلك أمر طبيعي، وبالتأكيد إننا نتوقع منهم القيام بذلك .إنه أمر جيد أن يعمل العراقيون مع جيرانهم لمناقشة مسائل الأمن الإقليمي وهم لا يحتاجون إلى موافقتنا لأن الحكومة العراقية ذات سيادة".
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد أعلن عشية صدور تقرير لجنة بيكر أنه سيدعو إلى مؤتمر إقليمي تشارك فيه الدول المجاورة للعراق، وربما دول أخرى لتبادل وجهات النظر حول تعزيز الأمن والاستقرار في العراق.
وبالنسبة للخيار الثالث ، فإنه جاء أيضا في تقرير لجنة بيكر عندما أوصى بالضغط على الحكومة العراقية لتحقيق أهداف محددة لتحسين الأمن وإلا تتعرض لتقليص الدعم الاقتصادي والعسكري الأمريكي لها، ويبدو أن هذا الخيار هو الأكثر قبولا من جانب بوش ، بعد أن طالب في الرابع والعشرين من أكتوبر رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى بتحديد جدول زمنى لإنهاء العنف ومنحه مهلة عام لإنهاء الحرب الأهلية, ونزع سلاح ميلشيات الشيعة وبدء برنامج تحسين الخدمات ، وهو مااستجاب له نوري المالكي حيث أعلن عشية صدور تقرير لجنة بيكر أن الزعماء العراقيين وكل الرموز السياسية والأحزاب والمنظمات ستشارك في مؤتمر للقوى السياسية في العراق في منتصف ديسمبر 2006 لإنهاء النزاع الطائفي, وإعلان مبادرة المصالحة الوطنية إلي جانب الاتفاق على ميثاق شرف لإنهاء المذابح التي يتعرض لها العراقيون.
ورغم أن الخيار الأخير هو الأكثر ترجيحا حدوثه إلا أنه خطة خبيثة هدفها إعفاء بوش من مسئولية تدهور الأوضاع في العراق ، وإدخال العراق في ثلاثة حروب متداخلة , الحرب بين الشيعة والسنة التي تتصاعد يوما بعد يوم , والحرب داخل الشيعة ذاتها بين الميلشيات التي يقودها الزعيم الشيعي مقتدي الصدر وميلشيات المجلس الأعلي للثورة الإسلامية التي يقودها عبدالعزيز الحكيم حول من تكون له الغلبة في مستقبل الشيعة وصورة العراق في المرحلة القادمة, ثم الحرب التي يخوضها السنة ضد الوجود العسكري الأمريكي في العراق.
ويمكن القول إن سياسات بوش في العراق وصلت إلي طريق مسدود وعدم الاعتراف بتلك الحقيقة يفتح الباب على مصراعيه أمام مصير مظلم ليس لأبناء هذا البلد الجريح فحسب وإنما أيضا للغزاة الذين تعهدوا قبل ثلاث سنوات من الآن بتحويل العراق لواحة للاستقرار والديمقراطية وتحول العراق على أيديهم لما يشبه " بلدا للقبور .
منقول للإفادة
مبوب مصر - إعلانات مجانية
ووفقا للمراقبين فإن تلك المحاكمة غير شرعية لأن قانون المحكمة وضعه المحتل وأوكلت حراسة المتهمين والمحكمة لقوى الاحتلال وتتدخل السلطة التنفيذية في تغيير القاضي أو عزله أو تطلب منه التشدد ويختار القضاة من أخصام المتهمين غالباً ويتصرفون كقضاة محكمة دنيا وأنهم الخصم والحكم.
لقد تشكلت تلك المحكمة بقرار من مجلس الحكم الانتقالى الذي كان تحت هيمنة سلطة الاحتلال و بول بريمر كما صدر قانون تشكيل المحكمة حسب بند في قانون ادارة الدولة للفترة الانتقالية الذي كان مجرد مسودة دستور ولم يكن دستورا دائما كالذى صدر العام الماضى .
ويؤكد هزلية تلك المحاكمة أيضا اختيار قضية ثانوية ذو بعد محلي وهي قضية الدجيل التى تعتبر قضية صغيرة الحجم والأبعاد اذا قورنت بقضايا اكبر حجما وذو ابعاد اقليمية مثل حرب الخليج الأولى و حرب الخليج الثانية و استعمال الأسلحة الكيمياوية في حلبجة شمال العراق.
ولذا اعتبر البعض أن اختيار هذه القضية كان الهدف منها هو الابتعاد عن القضايا التي تبرز تورط الولايات المتحدة و دول أوروبية كبرى في دعم صدام حسين وبناء ترسانته العسكرية من الأسلحة الكيمياوية والبيلوجية للحيلولة دون نقل المحكمة الى محكمة العدل الدولية في لاهاي في دحض لمزاعم الاحتلال أن تلك القضية هى القضية التي يمكن اثباتها على المتهمين لوجود ادلة ووثائق تثبت صلة ربط صدام حسين شخصيا باحداث الدجيل.
لقد حرص الاحتلال منذ البداية على إبعاد المحاكمة عن إطار المحاكمة السياسة الشاملة والذي كان يؤكد تورطه بشكل واضح في دعم جرائم صدام ، خاصة وأن دور الولايات المتحدة في الحرب العراقية الإيرانية ليس بخفى على أحد فهى لم تسع لإيقاف الحرب بل كانت تصب الزيت على النار وتحرض هذا الطرف على ذاك وتستهدف القضاء على القوتين الإقليميتين كليهما، وتزود كلاً من الطرفين بالمعلومات عن الطرف الآخر وتسهل لكل منهما الوصول إلى مصادر السلاح، أي باختصار كانت شريكاً في الحرب العراقية الإيرانية ومحرضاً عليها ومستفيداً منها.
ودور الولايات المتحدة في التحريض على غزو الكويت لم يكن بخفى أيضا على أحد بعد نشر تقارير عدة أوضحت أن السفيرة الأمريكية في العراق في هذا الوقت أعطت الضوء الأخضر لصدام لغزو الكويت .
كما أن الولايات المتحدة نفسها هى التى زودت صدام بالأسلحة الكيمياية التى استخدمها ضد الأكراد لقمع الانتفاضة التى قاموا بها في أعقاب انتهاء الحرب العراقية الايرانية .ولذا فإن أية محاكمة سياسية دولية لصدام حسين أو لنظامه ستكشف حقائق عديدة عن دور الولايات المتحدة بغزو الكويت وبمجمل الحروب الإقليمية التي شنها صدام ولذلك عملت على تحويل المحاكمة من سياسية إلى جنائية لا تتعدى مهمتها البحث عن دور المتهم في الاغتيال أو التعذيب أو السكوت عنهما.
تقرير بيكر- هاملتون يرسم صورة قاتمة للعراق
بعد حوالى ثمانية أشهر من مراجعة سياسات وإستراتيجية القيادة الأمريكية المتعلقة بالعراق ، كشفت مجموعة دراسة العراق برئاسة وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر وهو من الحزب الجمهوري، والسيناتور الديمقراطي السابق لي هاملتون رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب السابق ، عن النتائج التى توصلت إليها في السادس من ديسمبر .
وأعطى تقرير اللجنة المسمى "الطريق قدماً" تقييما قاسيا للغاية بشأن الأوضاع في العراق ، حيث حذر من أن الوضع في العراق خطر ومتدهور والعنف في تزايد وليس هناك مسار يضمن النجاح.
وأوضحت اللجنة في تقريرها أن سياسة إدارة بوش في العراق "غير فاعلة" وحذرت من مغبة استمرار تدهور الأوضاع هناك مما يزيد من مخاطر الانزلاق نحو فوضى قد تؤدي للإطاحة بالحكومة العراقية وخلق كارثة إنسانية ، موصية بتغيير المهمة الأساسية للقوات الأمريكية بما يتيح سحبها بطريقة مسئولة .
ورغم تأكيد اللجنة أن قضايا العراق لن تحل عبر العمل العسكري وحده ، إلا أنها لم تطالب بجدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من هناك واكتفت بالدعوة إلى سحب القوات الامريكية من مسرح المعارك خلال عام والتركيز على تدريب القوات العراقية.
وطالبت اللجنة إدارة بوش فى هذا الصدد بتحويل دور القوات الأمريكية فى العراق من العمليات القتالية إلى تقديم الدعم في حلول العام 2008 ، قائلة :" إن المهمة الرئيسية للقوات الأمريكية في العراق يجب أن تتطوّر إلى مهمة دعم الجيش العراقي".
وأضافت قائلة :" من الواضح أن الحكومة العراقية ستحتاج إلى الدعم لبعض الوقت، خاصة في تحمل مسئوليات أمنية جديدة. لكن في الوقت ذاته يجب ألا تقوم الولايات المتحدة بالتزامات بإبقاء أعداد كبيرة من قواتها منتشرة في العراق لفترة مفتوحة ".
وأوصت اللجنة بوش بالضغط على الحكومة العراقية لتحقيق أهداف محددة لتحسين الأمن وإلا تتعرض لتقليص الدعم الاقتصادي والعسكري الأمريكي لها .
ورغم أن الرئيس الأمريكي قد أعلن في أكثر من مناسبة بأن هدفه هو المساعدة في تشكيل حكومة عراقية يمكنها أن تدافع عن نفسها، فإن تقرير اللجنة أقر باستحالة تحقيق ذلك، من دون مساعدة جدية من بعض الدول في الشرق الأوسط ، مطالبا بإقامة مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بالإضافة إلى سوريا، وهي خطوة طالما عارضتها إدارة الرئيس بوش.
وقال التقرير :"جيران العراق، ودول رئيسية في داخل وخارج المنطقة عليهم تشكيل مجموعة دعم لمساعدة العراق في تحقيق أمن طويل الأمد ومصالحة سياسية".
كما طالبت اللجنة واشنطن بتحرك إقليمي أوسع وإيجاد خطة سلام شاملة في الشرق الأوسط من أجل إرساء الاستقرار في العراق والمنطقة، وحثت على إطلاق مبادرة دبلوماسية جديدة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي .
وأكد التقرير فى هذا الصدد أن الولايات المتحدة لايمكن أن تحقق أهدافها في الشرق الأوسط ما لم تباشر في تجديد التزامها الشامل بخطة سلام كاملة على كافة الجبهات.
وألمحت اللجنة في ختام التقرير إلى أن المهمة في العراق قد تفشل ما لم يتحد الطرفان، الإدارة الأمريكية والكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، في مسألة مواجهة تراجع الدعم للحرب في الشارع الأمريكي.
وجاء في التقرير "ما نوصي به يتطلب إرادة سياسية جبارة وتعاونا بين أفرع السلطة التنفيذية والتشريعية في الحكومة الأمريكية".
ويستخلص التقرير بلهجة تشاؤمية بأن السياسة الخارجية مقدّر لها الفشل.. كما أي عمل في العراق، ما لم تدعم بإجماع مؤازر عريض.
وفي أول رد فعل فورى على تقرير اللجنة ، أعلن بوش أن إدارته ستتعاطى "بجدية بالغة" مع تقرير "مجموعة دراسة العراق" الذي أوصي بتغيير الإستراتيجية الأمريكية هناك ، دون أن يكون ملزما باتباعها.
وقال عقب لقائه برئيسي اللجنة جيمس بيكر ولي هاملتون إن التقرير المسمى "الطريق قدماً" أعطى تقييما قاسيا للغاية بشأن الأوضاع في العراق وإنه جاء ببعض المقترحات المهمة للغاية.. وسننظر في كل مقترح بجدية.
وحث بوش الكونجرس على وزن توصيات التقرير بحرص وأضاف قائلاً "قد لا يتفقون مع كل المقترحات، وقد لا نوافق عليها جميعاً، وبالرغم من ذلك، سيمنحنا هذا التقرير جميعاً فرصة إيجاد أرضية مشتركة من أجل خير هذا البلد".
وواصل بوش اصراره على رفض تحديد موعد محدد لسحب القوات الأمريكية من العراق متعللا بأن من شأن ذلك أن يكون عامل تشجيع لمن يسميهم الإرهابيين وليس الإدارة العراقية.
يذكر أن لجنة دراسة العراق، شكلها مشرعون من الحزبين الجمهورى والديمقراطى في مارس الماضى لرفع تقييماتها المستقلة للأوضاع الراهنة وما يمكن إحرازه في العراق ووقع ذلك على المصالح الأمريكية في المنطقة.
سيناريوهات بوش للخروج من المستنقع العراقى
طرح المراقبون ثلاثة خيارات منها انسحاب تدريجى مثلما يطالب الديمقراطيون أو التفاوض مع سوريا وإيران أو الضغط بقوة على الحكومة العراقية للإسراع بالمصالحة الوطنية .
وبالنسبة للخيار الأول ، فإن بوش يرفضه بزعم أن الانسحاب قبل أن يكون العراق قادرا علي حماية أمنه في الداخل سوف يزيد الموقف سوءا,
وقد يؤدي إلي إشاعة الحرب الأهلية, كما أنه يترك العراق وقد أصبح منطلقا لعمليات تنظيم القاعدة في عدد من الدول المجاورة تستهدف هز أمن الشرق الأوسط واستقراره, كما أن الانسحاب من العراق, سوف يكون بمثابة اعتراف بهزيمة الولايات المتحدة في حربها علي ماتسميه بالإرهاب.
أما الخيار الثانى ، فإنه جاء في توصية للجنة التى شكلها الكونجرس في مارس الماضى برئاسة جيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق لبحث سبل الخروج من المأزق العراقى ، ورغم أن بوش كان يعتبر فتح حوار مباشر بين واشنطن وكل من طهران ودمشق بشأن العراق وإنهاء الخلافات معهما , بمثابة اعتراف بهزيمته ، إلا أنه بعد نشر تقرير لجنة بيكر صرح الناطق باسم البيت الأبيض طوني سنو بأن الولايات المتحدة تشجع العراق على إجراء محادثات مع إيران وسوريا في شأن المسائل الأمنية .
وقال :"لم نقل قط أن على العراق عدم التعامل مع جيرانه، بل العكس لقد قلنا إن ذلك أمر طبيعي، وبالتأكيد إننا نتوقع منهم القيام بذلك .إنه أمر جيد أن يعمل العراقيون مع جيرانهم لمناقشة مسائل الأمن الإقليمي وهم لا يحتاجون إلى موافقتنا لأن الحكومة العراقية ذات سيادة".
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد أعلن عشية صدور تقرير لجنة بيكر أنه سيدعو إلى مؤتمر إقليمي تشارك فيه الدول المجاورة للعراق، وربما دول أخرى لتبادل وجهات النظر حول تعزيز الأمن والاستقرار في العراق.
وبالنسبة للخيار الثالث ، فإنه جاء أيضا في تقرير لجنة بيكر عندما أوصى بالضغط على الحكومة العراقية لتحقيق أهداف محددة لتحسين الأمن وإلا تتعرض لتقليص الدعم الاقتصادي والعسكري الأمريكي لها، ويبدو أن هذا الخيار هو الأكثر قبولا من جانب بوش ، بعد أن طالب في الرابع والعشرين من أكتوبر رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى بتحديد جدول زمنى لإنهاء العنف ومنحه مهلة عام لإنهاء الحرب الأهلية, ونزع سلاح ميلشيات الشيعة وبدء برنامج تحسين الخدمات ، وهو مااستجاب له نوري المالكي حيث أعلن عشية صدور تقرير لجنة بيكر أن الزعماء العراقيين وكل الرموز السياسية والأحزاب والمنظمات ستشارك في مؤتمر للقوى السياسية في العراق في منتصف ديسمبر 2006 لإنهاء النزاع الطائفي, وإعلان مبادرة المصالحة الوطنية إلي جانب الاتفاق على ميثاق شرف لإنهاء المذابح التي يتعرض لها العراقيون.
ورغم أن الخيار الأخير هو الأكثر ترجيحا حدوثه إلا أنه خطة خبيثة هدفها إعفاء بوش من مسئولية تدهور الأوضاع في العراق ، وإدخال العراق في ثلاثة حروب متداخلة , الحرب بين الشيعة والسنة التي تتصاعد يوما بعد يوم , والحرب داخل الشيعة ذاتها بين الميلشيات التي يقودها الزعيم الشيعي مقتدي الصدر وميلشيات المجلس الأعلي للثورة الإسلامية التي يقودها عبدالعزيز الحكيم حول من تكون له الغلبة في مستقبل الشيعة وصورة العراق في المرحلة القادمة, ثم الحرب التي يخوضها السنة ضد الوجود العسكري الأمريكي في العراق.
ويمكن القول إن سياسات بوش في العراق وصلت إلي طريق مسدود وعدم الاعتراف بتلك الحقيقة يفتح الباب على مصراعيه أمام مصير مظلم ليس لأبناء هذا البلد الجريح فحسب وإنما أيضا للغزاة الذين تعهدوا قبل ثلاث سنوات من الآن بتحويل العراق لواحة للاستقرار والديمقراطية وتحول العراق على أيديهم لما يشبه " بلدا للقبور .
منقول للإفادة
مبوب مصر - إعلانات مجانية